الصفحة الشخصية للكاتب.
محمود الورداني.

محمود الورداني: عن باب الخيمة وعلاقات القهر والاستبداد

منشور الاثنين 20 مايو 2019

الأعمال الفنية المصاحبة للحوار من صفحة الفنان التشكيلي محمد حجي


في نص شديد الجرأة؛ يقرر الكاتب الكبير محمود الورداني الاقتراب أكثر من الباب الخلفي لعالم الصحافة في روايته الأحدث الصادرة عن دار العين "باب الخيمة".

يشيّد الورداني خلفية عالم روايته بتفاصيل دقيقة من فساد الصحافة الثقافية في عصر لا يمكن تحديده بدقة وإن كان يمكن وضعه ما بين ثمانينيات وأواخر القرن الماضي، ويتسع هذا العالم ليضم حكام ذلك الزمن، وأيضًا أبواق السلطة و"أسواطها"، وعلى هذه الخلفية نشاهد تخبط وحيرة فرد بين انحيازاته واختياراته، وبين ما يواجهه من مواقف تعارض تلك الانحيازات.

مسيرة محمود الورداني الروائية تضم أعمالًا عديدة منها البحث عن دينا (2016)، وبيت النار (2011)، موسيقي المول (2005)، وأوان القطاف (2003)، والروض العاطر (1998)، ورائحة البرتقال (1992)، ونوبة رجوع (1990)، وعدد من المجموعات القصصية منها السير في الحديقة ليلًا (1984)، والنجوم العالية (1985)، وفي الظل والشمس (1995).

بين الوعي والتيه

تتبع الرواية صوت البطل/الراوي جمال الصاوي، الصحفي الذي تشرّب حب الصحافة من والده. يمضي الصاوي بين أروقة الصحف متخبطًا بين أرجائها ومستعينًا على فسادها بالحذر الذي يرجوه أن يمنع القدر.

ينقسم الكتاب إلى أقسام ثلاثة؛ الصوت والضوء، والبهجة مع سبعاوي، ونوبة فوبيا. 

تبدو الرواية وكأنها حالة من تناوب تسلط وغياب الوعي التي ربما تكون مصاحبة لتعاطي المخدر هروبًا أو استسلاما.

في قسمها الأول يتعرف فيها وعي "جمال" المنتمي لمنظمة شيوعية صغيرة اشتهرت في الأوساط اليسارية باسم "الصوت والضوء" على عالم السياسة وتجربة السجن والخضوع لسماسرة الصحافة.

ثم تأتي مرحلة البهجة في القسم الثاني، بعد خضوع جمال لصديقه الشاعر "عبد الرحمن السبعاوي" ومرافقته في رحلة للقاء القذافي، وجمال مازال مخدرًا بنشوة الهروب من مشاكله المادية والزوجية، ويحاول جاهدًا أن يُخرس صوت ضميره الذي يعيب عليه خضوعه وتهاونه بالموافقة على لقاء الديكتاتور.

في القسم الثالث ومع تكرار نوبات التقريع من ضميره، تبدأ مرحلة الإفاقة والتطهر من أثر المخدر ويبدأ جمال في اكتشاف تسلط الآخرين ومن كونه قد دُفع دفعًا للزيارة لتحقيق مصالحهم الشخصية ويقف حينها علي شفا التجربة، أو الخيمة فهل يدخلها ويتابع تخدير ضميره أم يفرّ عائدا أو هاربًا من رحلة هروبه؟

 

عن الرواية.. والواقع

يتخبط البطل في الرواية بين توهانه المستمر ولحظات قليلة من الوعي الكامل، وما يزيد هذا التوهان ظهور حبيبة قديمة فجأة ظهورًا مباغتًا وسريعًا، هذا الظهور والاختفاء، كأمل يظهر ويختفي في نفس اللحظة، يبدو لوهلة جزء من منحة، كما السفرية، تمنيه بآمال لطيفة ثم يختفي الجزء اللطيف ولا تبقى له سوى أوهامه وكوابيسه والحسرة.

يتوه جمال في المدينة التي لا يعرفها، ويتخبط أيضا بين تشوش رغباته وضميره المؤنِب.

يدخن الحشيش عسى أن يمنحه راحة من الواقع فتصيبه توهة أعظم. هل يبدو هذا التخبط والحيرة، كأنما ترسم قدر المثقفين.. أن يعانوا من توهة دائمة ما بين سؤال المادة واختيار تقديم التنازلات. 

يقول الورداني "لا أميل إلى هذا التعميم الذي ينطوي عليه السؤال. فليس شخوص الرواية هم كل المثقفين. لقد اخترتُ سبعاوي وجمال ومطاوع ودلال وهويدا فتحي، وهم الذين صاغوا الرواية، أما المثقفين خارج الرواية فقد كان بعضهم يشبه شخوص الرواية، وبعضهم الآخر خارجها، لهذا أتمنى قراءة الرواية بوصفها رواية، وليس كتسجيل لأحداث واقعية".

تشيّد الرواية مسرحها بتفاصيل تنتمي لعالم الصحافة الخلفي، وبيزنس كتابة المقالات وسماسرة الكتابة، عالم ربما تظهر بضع إشارات عنه من أحاديث عابرة من العاملين المخضرمين في المجال، أو صورة أديب ما في خلفية حكاية عن الصحافة الانتهازية. 

الورداني هنا لا يترك شيئًا للاستنتاج ولا يحكي عن الصحافة في خلفية حكيه عن الأبطال، بل الأبطال هنا هم "الشغيلة" الذين تتخذهم سلعة كل وكالات الأنباء وملاحق الجرائد الخليجية، والمحتوى يمر، طالما كان مزخرفًا وملونًا بعبارات رنانة ومتملقة بما يكفي.

أخاف من الرواية.. وليس من عالمها

يمكن القول أن ثمة فخ عند قراءة باب الخيمة، يكمن الفخ في إمكانية تصور أن الرواية تتحدث عن أشخاص حقيقيين لهم أدوار مختلفة التأثير في الحياة الثقافية المعاصرة، أن يقف قارئها عند عتبة النميمة، وسط حواديت الصحافة وفضول القارئ في العموم في التأكد من كون الشخصيات المذكورة حقيقية أم محض خيال، ولا يرى ما وراء ذلك.

عن ذلك يقول الورداني "بالطبع ينتابني كثير من التردد الخوف أثناء الكتابة، ولكن ليس بسبب أولاد الكار أو عالم الصحافة والصحفيين. ما ينتابني من خوف يتعلق بمشاكل الكتابة ذاتها: اللغة واستخدام الضمائر والتعامل مع الزمن، أما الموضوع نفسه أو العالم الذي أكون قد اخترته للكتابة، فهو ليس مشكلة على الإطلاق. أكاد أقول إن القارئ لا يهمني أثناء الكتابة، وأركّز كل طاقتي في العمل الذي بين يدي".

صاحب "موسيقى المول" وصل إلى اعتقاد يؤمن به منذ زمن طويل" لا يكتب الواحد ما جرى فعلًا، ما أكتبه هو الرواية، لا أصغي إلا لكلامها، والمنطق الذي تفرضه. الرواية كما قال صنع الله إبراهيم في حوار له كذبة كبيرة، ولا تنقل الواقع أو تعيد إنتاجه. الرواية عمل آخر وليست هي الواقع مهما اتكأت عليه أو استلهمته أو اعتمدت عليه".

ينقل لنا الورداني ما كتبته الشاعرة الكبيرة فاطمة قنديل عن "باب الخيمة" على صفحتها على الفيس بوك "لا تتوقع وأنت تقرأ باب الخيمة أن ثمة أحداثا مشوّقة. فلست أمام كاتب يغازل فضولك. لا تصطنع الرواية عالما آخر سوى عالمنا.. ألا تعرفه؟ لا تتوقع أنك أمام بطل روائي بالمعنى التقليدي. قد تقرأ الرواية كـ مذكرات صحفي". يمكنك أيضا أن تتسلى بمطابقة الشخصيات على أبطالها الحقيقيين. اقرأها كذلك كي يكون الأمر أخف وطأة عليك، لكنني أشك كثيرًا فإنك مهما فعلت كبطلها، وحاولت التجاهل وآثرت السلامة مثله، لن تداهمك وأنت تغلقها رائحة البرتقال تهبط ثقيلة في أرجاء غرفتك".

لا يحب محمود الورداني استعمال مصطلح "موضوع الرواية". يقول " اسمحي لي.. الرواية، أي رواية، ليس لها موضوع أساسي أو رئيسي. يمكن القول فقط إن لها عالم. لم يكن في ذهني وأنا أكتب أنني أرصد أو أسجل عالم السمسرة والعمولات، أو أقدم شهادتي عن الصحافة. مطلقًا. كنت فقط أريد أن أكتب رواية بدت قريبة لي، وأرغب فقط في مناوشتها. كنت أريد أن أشتبك مع تجربة بدت لي قريبة، أعني التجربة بكاملها، وليس تجربتي الشخصية".

يعيد الورداني التأكيد "الرواية تفرض منطقها وشخوصها وتتحول إلى نص آخر، ليس هو الواقع بالتأكيد. شهادتي عن عالم الصحافة ليس مكانها رواية، والعمل الروائي جنس كتابي يختلف عن الشهادة، وينطلق من التخييل ومفارقة الواقع. لذا  أرجو أن تُقرأ الرواية كرواية".

الصحافة.. حرية

قد تبدو تفاصيل العمل الصحفي وكأنها قد اختلفت عن الزمن الذي تجري فيه الرواية؛ ربما قديمًا اعتاد الصحفي الاحتكاك بالشخصيات عن قرب: اللف ع المكاتب وخلافه، بينما الآن يمكن للصحفي التواصل مع الآخرين عن بعد عن طريق الإيميل، التليفون وخلافه، مما قد يعني ربما تجنب الاحتكاك وعيوبه، كضرورة تحمل شخصيات مزعجة في موضع المسؤولية، واللف طويلًا على مكاتب عارضًا خدماتك، لكن بالنسبة لمحمود الورداني " ليس معنى تغير أدوات الصحفي وسبل تواصله مع مصادره أن العلاقة ذاتها تغيرت".

يقرأ الورداني المشهد الصحفي الحالي "ما ورد في "باب الخيمة" ليس عالم الصحافة بل عالم وعلاقات التوحش والاستبداد والقهر والعهر ، ما نراه الآن في أكثر المواقع ليس صحافة، بعد أن تدنى سقف الحرية إلى هذا المستوى المخزي".

يوضح "الصحافة هي الحرية باختصار. وفي زمني، أي أثناء شُغلي، لم تكن هناك حرية، والآن ليست هناك حرية. الصحافة هي عملية متكاملة الحرية في القلب منها. ولا فارق جوهري في حقيقة الأمر بين أن يلفّ الصحفي على المكاتب، أو يتعامل من حاسوبه".

 

لا تعاطف ولا انحياز

يتواجه جمال بطل الرواية وسبعاوي رفيق رحلة سفره، الشاعر الثوري الكبير الذي التقاه جمال في إحدى الزنانين، وكان معجبًا بأشعاره اللاذعة، وأحبه أكثر في الزنزانة، يخبره سبعاوي دافعًا عن نفسه تهمة التملق والمحاباة، شاكيّا أنه ما أتى لليبيا القذافي ليحابي حاكمها، وإنما ليرعب مسؤولي النشر في بلاده الذين أكلوا حقه في نشر قصائده "أريد أن أسدد ديوني يا جمال، وأعيش الأيام الباقية لي بكرامة. أريد أن أتمكن من الرفض. أتمكن من الاختيار".

نستشعر من النص تعاطفًا تجاه عبد الرحمن السبعاوي، حين يشتكي لجمال مبررًا انحيازاته وتنازلاته، في سبيل الراحة وخوفًا من الحوجة، فهل هناك تفسير لهذا التعاطف في حين ظهرت شخصيات أخرى بذات الانحيازات على مدار الرواية وقد انتقدها جمال وعاب عليها انهيارها. 

يقول الورداني "في الحقيقة لم أتعاطف مع سبعاوي على الرغم من أنه قدم تنازلات. كما ورد في السؤال، وأحرص عموما في كل ما كتبته وأكتبه على عدم التورط العاطفي والانحياز، ولا أتخذ موقفًا من هذه الشخصية أو تلك، والمنطق الفني الذي تفرضه الرواية يقود إلى رؤية سبعاوي كشخصية متعددة الجوانب، وليست أحادية، كما حاولت أن أقترب منه. وليس معنى أنه ليست في الرواية إدانة واضحة لسبعاوي".

لا يوجد زمن جميل

يحكي جمال في الرواية عن شبرا وبساطة المجتمع المصري بعيدًا عن ابتذال شعارات "تضافر أطياف الشعب" والفقرات الرنانة، وإنما يحكي في بساطة عن عادات سكان الحي، والكنيسة التي اعتادت تأجير فساتين الأفراح للمسلمات والمسيحيات علي حد سواء، تلك هي عادات الحي وطبائع العيشة في وقت ما.

أيضا عن الطبقة الوسطى التي تكاد تندثر، والتي تتألق دائما في كتابات محمود الورداني. 

وبينما يتحسر آخرون على الزمن الماضي والقاهرة الكلاسيكية الراقية؛ يبرز وجه مصر الحقيقي الذي كان يعاني أبدًا، فهل لأجل هذا يتحيز له الورداني ويتحدث عنه كثيرًا "أتشرف بالكتابة عما تسمّينه وجه مصر الحقيقي، لكنني لا أميل كثيرًا للمقولة الكوميدية عن الزمن الجميل"، يقول الورداني.

مضيفًا "ما سبق ليس زمنًا جميلًا، وما نعيشه الآن ليس أسوأ مما عشناه. أما اختياري للكتابة عن الطبقة الوسطى، فهو بسبب أنها الطبقة الوحيدة التي عرفتها ولا أملك القدرة على الكتابة عن عالم آخر أم أعرفه. أعرف وعرفت المنظمات السرية والخدمة في الجيش كمجند أثناء الحرب، وعملت في الصحافة ومررت بتجربة السجن وشهدت أحداث الثورة كرجل مسن. تلك التجارب هي ما أعرفها وأعتمد عليها، وإن كنت بطبيعة الحال لا أنقلها".

يتابع الورداني"لا أعلم ما إذا كانت الطبقة الوسطى وحدها هي التي في طريقها للاندثار، لكنني أشعر أن الدنيا بكاملها ومفهوم الطبقات والثورات والمنظمات على وشك الانهيار وهو بالفعل بدأ أولى خطواته في هذا الاتجاه. لم أعد أملك اليقين القديم، وأشعر أن عليّ أتأمل ما يجري، خصوصًا وأنني عاجز عن فهم كثير من الأحداث".

 

لحظة خاصة

يتعرض أدب الورداني دائمًا لما يمكن أن نسمية سيرة مصر المقهورة، وذاك ليس عيبًا يخشاه أو يتهرّب منه. فسيرة القهر حقيقية ولا يدعيها، والقهر أصلًا في رواياته، يدفع الشخصيات أحيانًا إلى مواجهته، وأحيانا أخرى التعايش معه.

بين مصطفى اليتيم في روايته "بيت النار" الذي عانى وأسرته بعد رحيل أبيه وتنقل بين وظائف عديدة متغلبًا على شقائه أو محاولًا، وليس مصطفى ببعيد عن جمال في "باب الخيمة" الذي فقد أباه أيضًا والذي عانى بعده في محاولة الحصول على وظيفة لائقة في متاهة الصحافة، حتى مع تاريخ أبيه النضالي والصحفي.

يشتكي جمال فلا يجد في القرب من الحكم راحة وترعبه تجارب الآخرين القاصية والدانية من السلطة، هل يظن الورداني أن تجنب معاداة السلطة، إشفاقًا من بطشها، شجاعة ناقصة. 

يجيب الورداني على ذلك "تتناول باب الخيمة لحظة خاصة جدًا من حياة جمال. هو لم يواجه اختيار معاداة السلطة وبطشها أو مقاومتها، فهو يعمل في صحفها ويسعى في مناكبها للحصول على أقل القليل لمجرد استمرار الحياة، كما أنه منخرط في الفساد العام المتمثل في الصحافة الخاصة. ليس هناك، في الرواية طبعًا، صراع واضح أو حتى بصيص من أمل في تحرّك هذا الوضع الذي كان جاثمًا على صدورنا خلال العقد الماضي البوليسي بامتياز. ليس مطروحا في الرواية إلا محافظة جمال على شرفه الشخصي المتمثل في الهروب من ليبيا بكاملها لتجنب لقاء القذافي".

 

أعدائي: البوح والاستطراد والعاطفية

يظهر المناضل اليساري شهدي عطية في "أوان القطاف" بصفته وشخصه، وتظهر روح أروى صالح في "بيت الخيمة"، فهل هو أمر تفرضه أحداث الرواية التي تأتي على ذكر اليسار والشيوعية باعتبارها حركات هامة في التاريخ السياسي المصري، أم هي تحية منحها الورداني عمدًا لأرواح ساهمت في وعي مصر الستينات.

يقول الورداني عن هذه الإحالات "حييت وأحيي وأتشرف بالصديقة الراحلة أروى صالح والشهيد شهدي عطية، وقد ذكرت في الروايات التي كتبتها أسماء أخرى مثل لطيفة الزيات ومحمد السيد سعيد وغيرهما. ومع ذلك فإن ذكر الأسماء عمدًا لمجرد التحية يُضعف العمل الروائي ويجعله مجرد حامل مجاني لرسائل ليست في صلب العمل، وربما كان أعدى أعدائي البوح والاستطراد والعاطفية. كتابتي قائمة على الاستبعاد والإيحاء وعدم التصريح. أروى في باب الخيمة أو شهدي في أوان القطاف لهما ضرورة فنية، كما لعلك لاحظتِ، ولولا هذا لما ورد ذكر لهما في الرواية".

محمود الورداني لا يفرض أقدارًا على أبطال رواياته: المواجهة، التخاذل، السقوط، الهرب، ليست لافتات يضعها الكاتب الكبير أمامه قبل الشروع في العمل.

"لاتنطلق الرواية، أي رواية، من موقف مسبق إجمالي، بل يمكن أن يكون في الرواية الواحدة أكثر من موقف يتناقض مع موقف آخر. في بيت النار مثلا هناك رحلة طويلة يقطعها مصطفى منذ كان بائعًا للثلج في طفولته في حواري وشوارع شبرا، وحتى القبض عليه بعد انتفاضة يناير 1977 . قبلها في "رائحة البرتقال" يهرب رجل ما حاملًا طفلته على كتفه ويخوض بها الأهوال، قبل أن يبحث عن قبر لها بعد أن لفظت أنفاسها بين يديه. وفي"موسيقى المول" يُحبس في قبو أحد الفنادق مجموعة من الأشخاص بسبب غامض.. وهكذا تفرض كل رواية منطقها وصيرورتها"، يقول الورداني.

التاريخ ليس حِلية

عبر مسيرة الورداني الروائية، ظهرت شخصيات قادمة من التاريخ أتى الحسين في "أوان القطاف"، وهنا يأتي "إبراهيم الغربي" القوّاد، في إشارة لموضوع بيت الخيمة الأساسي؛ بينما يبيع الغربي ويتاجر بالبشر، يتاجر أصحاب المصالح في الرواية بالكتابة والصحافيين.

دلالة استخدام التاريخ في روايات الورداني  يقول عنها "لا أخفي ولعي بالتاريخ وخصوصا القرون الوسطى والفترة القلقة الغامضة بعد حملة بونابرت، وقد لجأت للتاريخ من قبل في رواية الروض العاطر مثلًا التي تتضمن تخطيطات استغرقت صفحات لسيناريو فيلم عن انتفاضة أحمد عرابي ضد استبداد الخديوي ووقوفه ضد الاحتلال الإنجليزي، ولجأت أيضا للتاريخ في رواية موسيقى المول"

يضيف الروائي الكبير "ومع ذلك لا يذهب الواحد للتاريخ كمجرد حلية أو لارتداء قناع ثم خلعه بعد أن تنتهي الرواية. مرة أخرى الرواية هي التي تفرض من خلال منطقها استدعاء التاريخ. وفي رواية" طعم الحريق" مثلا أو " البحث عن دينا" لم أجد حاجة لاستدعاء التاريخ".