ويكيبيديا برخصة المشاع الإبداعي
مستشفى العباسية للأمراض النفسية.

أسئلة أكثر من الإجابات: رحلة في مذكرات مدير مستشفى الأمراض العقلية

منشور الأربعاء 18 مايو 2022

 

في العام 1909، كان محمد بك الخولي واحدًا بين 50 طالبًا فقط يلتحقون بكلية الطب كل عام في تلك الفترة، وبعد استكماله مرحلة البكالوريوس بسنوات، عثر على إعلان لمستشفى الأمراض العقلية تطلب طبيبًا، ليصبح هذا الإعلان بوابة عبوره لدهاليز المرض النفسي،  والذي بقى فيه لقرابة 40 عامًا، وتدرج حتى تولى منصب مدير المستشفى. 

في كتابه الجديد السرايا الصفرا: رحلة في مذكرات مدير مستشفى المجاذيب 1916 - 1953، يحاول الصحفي المصري محمد الشماع الدخول في رحلة داخل دهاليز تلك المستشفى من خلال مذكرات مديرها، متبوعة ببحث تاريخي عن شخصيات مرتبطة ببعض الأحداث في تلك الفترة أو ذات صلة بما أورده الخولي من قصص. 

أي أننا أمام كتاب يجمع بين المجهود البحثي، والحكي المتمثل في المذكرات ذات الموضوع الشيق والمتعلق بالطب النفسي، لكنه كتاب تشوبه الكثير من علامات الاستفهام، بداية من اسمه الذي يحمل وصمًا للمرضى النفسيين، مرورًا ببعض التفاصيل التي وردت داخله. 

سألنا الشماع عن سبب تمسكه بالألفاظ نفسها التي كانت دارجة وقت كتابة المذكرات من قبل الخولي، أي قبل أكثر من نصف قرن من الزمان: مستشفى المجاذيب، السرايا الصفراء، وغيرها من الألفاظ التي تمثل في وقتنا هذا وصمًا، وتم الاستعاضة عنها بألفاظ أكثر دقة مثل المرضى النفسيين، المرضى العقليين، مستشفى الأمراض العقلية. 

قال الشماع للمنصة إن لفظ "مستشفى المجاذيب" في عنوان الكتاب، هو "نفس اللفظ الذي استخدمه صاحب المشاهدات، وليس هذا معناه إعادة إنتاج لما كتبه الرجل، ولكنه توثيق للفظ الذي استخدمه، وفي نفس الوقت فإن هذا اللفظ هو المفهوم الرائج للمرض العقلي لدى معظم الأشخاص". ويضيف "على سبيل المثال يصعب على الشخص العادي غير الملم بمسائل الأمراض العقلية والنفسية أن يفهم كلمة الذهان كمرادف للجنون؛ لهذا استخدمت اللفظ الأقرب لمعظم الاشخاص وهو أمر منفصل عن مسألة الوصم"، حسب تعبيره.

ويضيف الشماع "من ناحية أخرى، لم أجد مفرًا من ذكر لفظ مجنون أو مجذوب، وهو موجود في المذكرات التي عند نشرها لأول مرة كان الطب النفسي بالفعل مكتمل الأركان، ولكن أقل تقدمًا بمقدار  مقارنة بالوضع الحالي. كما أنني في آخر الكتاب في الجزء الخاص بالمفاهيم النفسية شرحت معني كلمة مجاذيب ومجانين؛ وبالتالي يكون المثقف أو المطلع على بعض  المفاهيم البسيطة الخاصة بالصحة النفسية والشخص العادي على حد سواء على علم بمحتوي الكتاب قبل شراءه، كما يأتي تفكيك المصطلح في وقت لاحق داخل الكتاب".

ويتابع أن "استخدام اللفظ  (مجنون) في اللغة العامية ينشق أحيانًا من لفظ الجن، أي من اعتقاد أن شخص أصابه مسًا من الجن، فأثر  عليه؛ ولكن المعني العلمي للفظ يختلف عن المعني الدارج".

 يقول الخبير النفسي في وزارة العدل محمد الطاهر للمنصة إن المرض العقلي تندرج تحته عدة أمراض، تفقد الفرد القدرة على الإدراك، وتؤدي به إلى عدم التمييز بين الصالح والطالح.

ولفت الطاهر إلى ضرورة التفرقة بين الاضطرابات العقلية الذهانية التي تؤدي بصاحبه لرؤية الهلاوس والضلالات من جهة، والاضطرابات العصابية النفسية كالاكتئاب والقلق المرضي، فالأخيرة لا تؤدي لخلل في التفكير  الصحيح، ويجب إزالة الوصمة المجتمعية بنعت صاحبها بالجنون.

واختلف الطاهر مع الشماع في رأيه بخصوص عدم تقدم الطب النفسي منذ الخمسينات من القرن الماضي حتى الآن إلا بمقدار بسيط، موضحًا أن التعريفات الأساسية الخاصة بعلم النفس اكتملت بالفعل منذ منتصف القرن الماضي، ولكن هناك العديد من التطورات التي طرأت علي الطب النفسي في كافة أجزاءه سواء في الأجزاء الخاصه بهذا العلم أو بطرق العلاج.

كتابات تعاني الندرة

سألنا الشماع حول اهتمامه بنشر كتاب في محتوى نفسي، فقال إنه لاحظ أن المكتبة العربية تعاني الندرة فيما يتعلق بالمرض النفسي، يقول في حواره مع المنصة،"هذا ما دفعني إلى توثيق ما ورد من أسماء أمراض، من مراجع علمية، في الجزء الثالث من الكتاب"، معتبرًا أن الكتاب يمثل إضافة للمكتبة العربية.

ويضيف الشماع أن التركيز في الكتب النفسية منصبٌّ على الاكتئاب "على الرغم من احتياجنا إلى كتب تخترق كل منطقة من مناطق المرض النفسي بالتفصيل، وهذا في المكتبة العربية بكاملها وليس في مصر فقط، لا أحد يتكلم عن الاضطراب ثنائي القطب أو البارنويا؛ ومن الجيد التطرق لأمراض أخرى غير الاكتئاب، وهذا أحد الأسباب التي حمستني لإصدار الكتاب، بالإضافة إلى ثراء المذكرات".

يتابع الكاتب أنه لم يختر هذا الموضوع، ولكن الموضوع اختاره، فبمحض الصدفة اطلع على هذه المذكرات المنشورة في مجلة المصور على حلقات مسلسلة عام 1954، وأثار فضوله بعض الموضوعات التي لم يسهب فيها الطبيب، فأخذ يبحث عن الأرشيف الصحفي الخاص بتوقيت حدوثها، مثل حادثة اغتيال أمين عثمان وزير المالية الأسبق، وحبس القائم على هذه الحادثة في مستشفى المجاذيب، بالإضافة إلى العديد من النقاط الصغيرة الأخرى التي ذكرها الخولي، وقادت الشماع لقرار النشر.

مذكرات أم مشاهدات؟

رغم عنونة الكتاب بـ"رحلة في مذكرات مدير مستشفى المجاذيب" فإن الشماع لا يرى أن "مذكرات" هو الوصف الأنسب لما دونه الدكتور الخولي قبل عقود. ينوه في مقدمة كتابه "أنه كان يفضل تسمية ما كتبه الخولي بالمشاهدات وليس المذكرات؛ لأن الرجل لم يتطرق لشيء خاص به، بل لمشاهداته لأصحاب العقول"، لكنه انتهى إلى الاحتفاظ بما أطلقه الخولي، ورأى أنها "مادة خصبة لتكشف لك عالم من عصفت الأقدار بعقولهم بشكل يجاري بل ويتفوق على الأفلام والمسلسلات التي ألقت الضوء على أصحاب العقول". 

 

ويضيف الشماع للمنصة "على مر التاريخ، عُرف ادعاء المجرمين للجنون ليفلتوا من العقاب، ولكن إذا لجأ هؤلاء المجرمين لمستشفى المجاذيب بالعباسية، يُفترض بالأطباء تتبع تاريخهم المرضي وتصرفاتهم، وكافة العلامات الدقيقة ومكنونات هذه الشخصية، لمعرفة أيهم تلتصق به صفة الجنون، وأيهم يدعيه".

ويشير الكتاب إلى أنه "خلال فترة الربع الأول من القرن العشرين، التي قام أثناءها الخولي بالعمل في مستشفى العباسية، ثبت فعليًا أن مطلق النار علي سعد زغلول وقاتل عثمان أمين يعانيان من الجنون، ولكن في المقابل ادعى سفاح السويس فقدان العقل للإفلات من عقوبته، وكذلك فعل أحد النشالين، وآخر تاجر مخدرات، وما كان من الخولي إلا إعادتهم للسجن".

ويطرح الكتاب سؤالًا هامًا، إذا كان "القائم بالجريمة يعاني من اضطراب عقلي طفيف أو إحدى حالات الجنون التي لا تُذكر فهل يعفيه هذا من السجن؟" لتتضح الإجابة أن "العلاقة بين المرض العقلي والجريمة علاقة متشابكة ومعقدة، ومع ذلك لا يمكن إغفال معرفة ما إذا كان ارتكاب الجرم تم بفعل الفصام والهلاوس والضلالات".

ويلفت الكتاب إلى أن "هناك بعض السجناء، بحسب مذكرات مدير المستشفى، كانوا عقلاء بشكل كامل وقت ارتكاب الجرم، ولكن صدمة تحول حياتهم والتهلكة التي ألقوا أنفسهم بها أفقدت العقل سيطرته على نفسه، لتظهر أعراض مستحدثة للجنون غيرت مسار تواجدهم من السجن لمستشفى الأمراض العقلية، ولعل الجينات الوراثية للمرض كانت كامنة تنتظر محفزات وضغوطات لتشق طريقها، ولعلها نفس الجينات المرتبطة بارتكاب الجرائم، مما يفصح مره أخرى عن تعقد وتشابك العلاقة بين الجريمة والجنون".

ويضيف أنه "مثلما يحوي السجن العديد من المظاليم، تواجد في المستشفى عدد كبير من العقلاء تخلص منهم أهلهم طمعًا في أموالهم، أو لأسباب أخرى، مما ينقلنا لتشابك المستشفى المجاذيب مع الوضع الأسري والاجتماعي ودور الطبيب في فحص مرضاه بعناية".

ويتطرق الكتاب كذلك إلى ما يتحمله الأطباء النفسين في سبيل القيام بمهنتهم من أخطار، تبرز في "التلاحم الجسدي مع المريض، وعبء إقناعه أحيانا بالخضوع للعلاج، بل والوقوع في فخ دهاء المريض مرات أخري، ناهيك عن مواجهة بعض الضغوط في سبيل عدم اطلاق سراح مريض عقلي، أو عدم الإبقاء علي شخص عاقل لمصلحة أشخاص آخرون، ومع ذلك لم يخل الجو العام للعباسية من الضحك والفكاهة"، بحسب مدير المستشفى.

 

عباقرة في المستشفى 

"خذوا الحكمة من أفواه المجانين .. ما لذة العيش إلا للمجانين"، واحد من أمثال شعبية استعان بها الشماع في كتابه "الواقع أن بعض الأذكياء والعباقرة قد يدخلون مستشفى المجاذيب ويقيمون بها، ولا يمكنك أن تعدهم عقلاء ولا مجانين، فهم بين هؤلاء وهؤلاء، يحسنون المناقشة ويقدرون علي الكتابة والتأليف والبحث".

يذكر الشماع نقلًا عن مذكرات الخولي حالة أطلق عليها مدير المستشفى "مؤرخ المجانين"، وهو رجل في السبعين، قضى نصف عمره في مستشفى المجاذيب، وكان شغوفًا بدراسة التاريخ، حتي وضع سفرًا فريدًا في هذا الموضوع، لكنه لم يصدره في كتاب.

وبدا لافتًا إعجاب كل من الخولي الذي عاصر تلك الحالة، والشماع الذي قرأ عنها في المذكرات، حتى أن الأول نقل عن "المريض المؤرخ"معلومة حيوية للغاية، وهي المعلومة الخاصة بعلاقة الاستعمار بزيادة المرض النفسي، حيث كتب المؤرخ السبعيني "عدد المرضى النفسيين في مصر الآن 7 آلاف مجنون، هم الذين يعيشون في مستشفى العباسية ومستشفى الخانكة، وهناك آلاف من المجانين في المجتمع طلقاء، هم أولى بأن يوضعوا في المستشفى، وأن يطلق سراح من فيها".

ويعلق الخولي خلال مذكراته"إذا صدقنا المريض المؤرخ الذي أراد أن يؤرخ للطب النفسي في مصر، في سنة 1954، فإن 28 شخصًا من بين كل ألف يعاني من مرض نفسي، هذا فقط وفق نزلاء أهم مشفيين للأمراض العقلية، دون احتساب مستشفى الإسكندرية، وكذلك دون احتساب المرضى في الشارع، قدرهم مؤرخ المجانين بالآلاف". 

ويبدو غريبًا أن يعتمد مدير المستشفى على إحصائية مريض عنده للاستدلال بها على علاقة بين المرض النفسي والاستعمار، فقد كان أولى أن يقدم هو بصفته الرسمية مثل تلك الإحصائية، لكن ربما حالت قيود معينة في النشر وقتها إلى الإفصاح بزيادة نسبة المرض العقلي بين المصريين آنذاك، فكان المخرج الذي لجأ إليه الخولي هو عرضها على تلك الصورة، خصوصًا أنه اعتمد الرقم وبنى عليه معادلة إحصائية، تعكس نسبة وتناسب، وهو تعجب أو سؤال لم يتوقف كتاب الشماع عنده.

بل، وبالإضافة لذلك، يتبنى الكاتب الطرح ذاته الخاص بأن ثمة علاقة بين الاستعمار والمرض النفسي، مستدلًا تلك المرة بإحدى قصص الخولي، التي صاح المريض فيها قائلًا "أنا محامي القضية المصرية، إن القضية المصرية أفسدها الزعماء ومحترفوا السياسة.. إننا جميعًا بايعناهم بالسياسة لم يكن يدور بخلدنا أنهم سوف يتاجرون بنا وبقضية البلاد".

وعن ذلك، قال الشماع في حواره مع المنصة إن فترة كتابة المذكرات لها رمزية خاصة لدي الشعب المصري، وهو ما يتضح من انحياز الخولي نفسه للثورة (ثورة يوليو والتي نشرت المذكرات بعد عامين منها) حيث كان يراود مصر حلم التخلص من الاستبداد، ومعظم شخصيات مذكرات الخولي عانت من ثلاث أمراض رئيسية هي الشيزوفرينيا والسيكوباتية والبارنويا.

المؤرخ بين الإبداع والجنون

وتفتح قصة "المريض المؤرخ" سؤالًا آخر حول العلاقة بين الإبداع والمرض النفسي. يقول الشماع في كتابه "حوت مستشفى المجاذيب عباقرة أبرزهم باحث التاريخ المسن، وقارئة المستقبل التي تذهلك علي معرفة خبايا الأشخاص، وما كتم بدواخلهم من أمور لا يعرفها غيرك، وبالتالي جمع المرضى بين حدة العقل وذكاءه وعطبه في آن واحد".

وينقل عن مدير المستشفى قوله في مذكراته "بعد تلك الحقبة الطويلة التي امتدت حوالي 40 عامًا، والتي حفلت فيها ذاكرتي بالشيء الكثير عن الجنون والمجانين، ما زلت أذكر طائفة من المرضي وأحاديثهم وإن دلت علي شيء فعلى منتهي العقل والرزانة". 

وأشار الخولي ضمن حكاياته إلى شاب مثقف ملم بالسياسة والشعر وأمور الدولة، حصل على العديد من الشهادات داخل مصر وخارجها، شرع في مغازلة السماء ونجومها وكواكبها، ويناجيها بالاقتراب منها، وعندما غضب من هذه الكواكب، شرع بإطلاق وابلًا من الرصاص كادت تصيب الجيران لينتهي به المطاف في مستشفى المجاذيب مرددا عبارة "لذة العيش للمجانين".

المرأة في مذكرات الخولي

يستعرض الشماع نقلًا عن مدير مستشفى الأمراض العقلية بعض الحالات لـ"نساء مصابات بجنون العظمة، ورجال يحترفون الاحتيال .. العالم الآخر في مستشفى المجاذيب، فمنهن عاشقة السيدة عائشة التي هربت من المستشفى حبًا لزيارة المقام، ومنهن المتغطرسة التي تكاد لا تتوقف عن التحقير والسب للجميع، والثالثة التي أرغمتها الصدمة النفسية والعصبية على سكب الماء المغلي وحرق شقيقها لتتراجع قدراتها العقلية معتقدة أنه لا بأس بهذا الموقف، بل تأمرهم بإحضار ماء مغلي لتسكبه على كافة الموجودين"، ولكن بشكل عام كانت السمة الغالبة علي النسوة هي إصابتهن بجنون العظمة وتخيلهن للجمال والثروة والشهرة والتجسد بشخصيات شهيرة مثل ماري أنطوانيت كليوباترا.

كما يشير إلى سيدة أقدمت علي قتل نفسها وأخري رفضت الفحص الطبي إلى أن استفحل بها سرطان الثدي وماتت علي إثره. وتلك القصة هي أكثر ما أثر في الشماع. يقول للمنصة "كانت من أسرة محمد علي، وتوفيت بعد انتشار الورم في جسمها، فالتكوين النفسي للشخصية جعلها ترفض الكشف عليها حتي استفحل بها المرض"، ويشير أيضًا إلى "شخصية المريض الذي دخل المستشفى وادعى أنه والي ونجح في جعل المجانين حوله يتباركون به، أثارته للغاية، فمع كونه مخادع ومحتال، لا يمكنك أن تغض الطرف عن حدة ذكاءه وشدة تأثيره، كما أن شخصيته بمفردها دراماتيكية تصلح للنشر بذاتها".

وفتك كذلك جنون العظمة بجزء كبير من الرجال لكن الأمر كان أكثر تعقيدًا من النساء، فبالإضافة لجنون العظمة تحايل بعض الرجال علي زملائهم للحصول على أموال أو حصص طعام إضافية مما ينم عن ذكاء بالغ؛ بل امتد هذا التحايل للأطباء ذات أنفسهم، ووصل الأمر لادعاء أحدهم أنه ولي صالح، وهرع العقلاء من خارج المستشفى للحصول علي بركاته، بل أنه حاول الوقيعة بين الخولي ومدير المستشفى البريطاني آنذاك (قبل أن يتولى الخولي رئاسة المستشفى) بعدما أبدى الأول استغرابه من ارتداء المريض لقبعة بريطانية وهو يدعي ولايته، فاستغل الموقف قائلًا إن الخولي يسخر من الزي البريطاني.

البيروقراطية أكبر عوائق الكتاب

يشير الشماع في حواره، إلى العديد من الصعوبات التي واجهته لإخراج كتابه، بداية من الكتابة عن شخص لا يعرفه، ومات قبل فترة ليست بقصيرة من ميلاده، ثم البحث في تاريخ هذه الشخصية، فلم يكتف بالإشارات المختصرة التي ذكرها عن نفسه في الكتاب، وذهب لقريته في طنطا، واكتشف أن الطبيب الراحل يكون عم العمدة الحالي، فعائلة الخولي عائلة كبيرة، لكن ذلك لم يفده كثيرًا، فعائلته الممتدة لم يعرفوا عنه الكثير.


اقرأ أيضًا| محال وتوكيلات تجارية: سور "مستشفى العباسية" في طريقه إلى وزارة الإنتاج الحربي

 


يتابع "ذهبت لجمعية الصحة النفسية التي كان هو عضوًا فيها، و وجدت الجمعية حالها بائس، والعاملين هناك لم يتعاونوا معي، كما ذهبت إلى دار الكتب لاقتناء كتاب الخولي الوحيد الذي ألفه بعنوان الطب النفسي الشرعي، لاصطدم بالبيروقراطية حيث التأجيلات وعدم التعاون من العاملين سواء في الكتاب أو أعداد المصور التي نشرت المذكرات، فتارة يقولون إن المجلة غير موجودة، وتارة أخرى يدعون أن السيستم لا يعمل، وهذه هي الصعوبات المعتادة التي تواجه الباحثين في مصر. كما صرح ان آلية البحث التي استخدمها تعتمد علي الأرشيف الصحفي الموجود في المؤسسات القومية وفي دار الكتب قاعة الدوريات ومقتنياته الشخصية التي تنقسم لكتب وجرائد قديمة؛ بالإضافة للرجوع لمستشفى العباسية كأحد روافد البحث.

وسواء كان الكتاب مكتملًا أو به قصورًا، فإنه يفتح أعيننا على فترة ثرية، ويطلعنا على بعض ما يحدث داخل جدران مستشفى الأمراض العقلية.