صفحة العاصمة الإدارية الجديدة على فيسبوك
مبنى وزارة المالية بالعاصمة الجديدة

المواطنون أم الدائنون: من يمثل العبء الأكبر على موازنة 2023

منشور الاثنين 9 مايو 2022

 

تواجه الموازنة العامة في 2022- 2023 تحديات عدة تساهم في زيادة الإنفاق العام (كما يظهر من البيان المالي للموازنة الذي اطلعت المنصة على نسخة منه). من أبرزها الحرب الروسية الأوكرانية التي ساهمت في زيادة التوقعات بشأن متوسط سعر القمح الأمريكي (بناء على سعر العقود المستقبلية) من 300 دولار في العام الماضي إلى 330 في 2023، وكذلك سعر برميل النفط (خام برنت) من 75 إلى 80 دولارًا.

هذا بجانب أشكال الإنفاق الأخرى المتعلقة بالحماية الاجتماعية لقطاعات من المواطنين، في ظل الضغوط التضخمية التي خلفها تخفيض الجنيه في مارس/آذار، أو الحوافز الممنوحة للمستثمرين لمواجهة تحديات الركود العالمي، والنفقات الاعتيادية مثل الاستثمارات العامة في البنية الأساسية وغيرها.

يضاف إلى كل ما سبق حقوق الدائنين، سواء أصل الدين الذي يجب علينا سداده في العام المالي المقبل، أو فوائد الديون القائمة والمتوقعة في 2023.

تمثل هذه النفقات في مجملها مجالًا للمزاحمة بين مصالح المواطن والدائنين، إذ أن كل ما يذهب للدائنين يُختصم من فرص المواطن في الحصول على الامتيازات أو الاستفادة من الاستثمارات العامة للدولة.

وبناء على بيانات موازنة العام المالي الذي سيبدأ في يوليو/ تموز المقبل، تحتاج الدولة إلى 558.1 مليار جنيه في العام المالي المقبل، يمثل هذا المبلغ بشكل أساسي الفارق بين نفقات الموازنة وما تتوقع الدولة أن تجمعه من إيرادات في هذا العام، أو ما يطلق عليه عجز الموازنة.

لكن الأمر لا يتوقف على ذلك، فهناك قروض على مصر سيحين موعد سداد أقساطها، وتمثل أقساط الديون احتياجًا ماليًا يفوق بكثير العجز المالي الناتج عن كل ما ستنقفه الدولة في 2023 على النواحي الاقتصادية والاجتماعية، علمًا بأن جزءًا من هذا العجز يوجَّه لسداد فوائد الديون.

وإذا ما احتكمنا إلى الناتج المحلي الإجمالي، كعكة الاقتصاد في 2023، سنجد أن أقساط القروض وحدها ستلتهم 10.6% من هذه الكعكة. 

احتياجات مصر التمويلية في 2023 (بالمليون جنيه). المصدر: الموازنة العامة. إنفوجراف: المنصة


ولتغطية الاحتياجات التمويلية ستلجأ الدولة إلى جهات محلية ودولية، وكما يظهر من الشكل التالي فإن التمويل المحلي سيكون أكبر، لكن هذا لايعني الاعتماد فقط على مؤسسات في مصر (مثل البنوك وصناديق الاستثمار) ولكن المستثمرين الأجانب أيضًا يكون لهم دور كبير في شراء الديون الحكومية المقومة بالعملة المحلية.

مصادر تمويل الدولة في 2023 (بالمليون جنيه). المصدر: الموازنة العامة. إنفوجراف: المنصة


وتمثل مصادر التمويل الخارجي أهمية كبيرة للموازنة، بالنظر إلى ضعف التدفقات الدولارية لمصر في ظل تحديات تأثر السياحة بالأزمة الروسية الأوكرانية والحاجة لمصادر من النقد الأجنبي لتمويل احتياجاتنا الاستراتيجية مثل القمح والنفط، ويبدو من بيانات الموازنة أن الدولة ستعتمد بشكل أكبر على الحصول على التمويل من خلال طرح الديون في الأسواق الدولية، بينما سيكون اعتمادها في المرتبة الثانية على الاستدانة من مؤسسات التمويل الدولية.

مصادر التمويل الخارجي في 2023 (بالمليون جنيه). المصدر: الموازنة العامة. إنفوجراف: المنصة


وتتميز القروض الآتية من الأسواق الدولية (مثل سندات اليوروبوند) بأنها لا تنطوي على شروط مثل قروض مؤسسات التمويل الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، لكنها في النهاية تمثل نمطًا تجاريًا في التمويل قد ينطوي على أسعار فوائد أكبر، بينما تكون تمويلات المؤسسات الكبيرة أقرب إلى طابع المساندة للدول في وقت الأزمات.

وتراهن مصر على الاستعانة بالأسواق الدولية لتدبير تمويلات الموازنة في 2023 من خلال ثقة تلك الأسواق في قوة الوضع المالي للدولة، وتتوقع الموازنة أن تستطيع الدولة الحفاظ على آجال أطول لمتوسط عمر محفظة ديون أجهزة الموازنة في 2023، بحيث يبلغ 3.6 سنة مقابل 3.5 في 2022، وهو ما يساعد على تقليل وجود الأموال الساخنة وما تمثله من مخاطر في أوقات الاضطرابات العالمية.

لكن ثقة الأسواق الدولية في الاقتصاد المصري لن تعفيها من زيادة عبء الدين في السنة المالية المقبلة، خاصة في ظل اضطرابات الاقتصاد العالمي، إذ تتوقع الموازنة أن يكون متوسط سعر الفائدة على الأذون والسندات الحكومية في العام المالي 2023 عند 14.5% مقابل 13.7% في العام السابق.

كما أن الفوائد ليست العبء الأكبر، ولكن يبدو من مقارنة بيانات الموازنة الراهنة (2023) بالموازنة السابقة أن القفزة الكبيرة في تكاليف الديون جاءت من أصل القروض نفسها، حيث سيزيد حجم ما ننفقه على سداد أصل القروض بأكثر من 370 مليار جنيه، أو بتعبير آخر فإن الموازنة مثقلة بعبء الاقتراض من أجل سداد الديون القديمة.

 

 

مصادر التمويل الخارجي في 2023 (بالمليون جنيه). المصدر: الموازنة العامة. إنفوجراف: المنصة