مقدمات العريضة أمام مقر المجلس القومي لحقوق الإنسان- تصوير: صفاء سرور

على باب الوزيرة: محاولة أخرى لإنقاذ حياة علاء عبد الفتاح

منشور الأربعاء 29 يونيو 2022

 

في الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم الأربعاء، كانت الطبيبة ومديرة مركز النديم لتأهيل ضحايا العُنف، الدكتورة ماجدة عدلي، تجلس في المدخل الرئيسي للمجلس القومي لحقوق الإنسان، في انتظار زميلاتها وصديقاتها القادمات من أماكن مختلفة، من أجل لقاء رئيسة المجلس الوزيرة مشيرة خطاب وتسليمها عريضة موقعة من مئات الشخصيات تطالب بإنقاذ حياة عبد الفتاح، بالتزامن مع اليوم التسعين لإضرابه عن الطعام.

النساء كان منهن الطبيبات ماجدة عدلي، ومنى مينا، وسناء فؤاد، والمحاميتان ماهينور المصري وعضوة فريق الدفاع عن عبد الفتاح راجية عمران.

تفاصيل الزيارة شرحتها الدكتورة ماجدة عدلي "نحن مجموعة أمهات نجمع توقيعات على عريضة تخصّ ابننا علاء، المضرب عن الطعام منذ 90 يومًا، والذي من المفترض ألّا يكون سجينًا من الأساس، هو أو أي من شباب الثورة. لكن يتم حبسه وتدويره من داخل محبسه من قضية إلى أخرى".

طرق الأبواب

تواصل النساء والأمهات مع المجلس، لم يبدأ اليوم، ففي 13 مايو/ أيار الماضي، حين كان علاء في اليوم الثاني والأربعين لإضرابه، تقدمن بالتماس للمطالبة بـ"السعي بكل السبل للإفراج عن علاء"، وبشكل عاجل بـ"تطبيق لائحة السجون لمنحه حقوقه. ونقله فورًا لمستشفى السجن حفاظًا على حياته التي أصبحت في خطر شديد".

عقب ساعات من انتشار الالتماس، خرجت خطّاب للردّ عليه بإعلان أنها "تواصلت، صباح 14 مايو، مع قيادات رفيعة المستوى معنية بحالة أماكن الاحتجاز، وحصلت على تأكيدات بأن علاء يحصل على حقوقه بأكثر قدر متاح"، وأنها ترى أن وجوده خلف القضبان "لا يحرمه أو ينتقص من حقوقه"، وأنها "تشارك الأمهات القلق على صحته".

ثم في تصريحات إعلامية، عقب البيان، قالت "علاء لم يشتكِ من سوء معاملة، بل طلب الحصول على كتب أكثر، وفرصة للتريض، وإزالة حاجز الزجاج بينه وبين والدته عند الزيارة"، ووصفت سجن وادي النطرون الذي كان الحديث دائرًا حول نقله إليه من شديد الحراسة بأنه "7 نجوم".

 

مسؤولة مكتب الشكاوي في المجلس القومي خلال الاستماع للزائرات- تصوير: صفاء سرور

وضع ثابت 

ذلك السجن نُقل علاء إليه بالفعل بعد الالتماس بأيام، في 18 مايو/ أيار، وفقًا لوزارة الداخلية التي أعلنت أن النقل جاء "استجابة لطلب المجلس القومي لحقوق الإنسان".

ورغم النقل الذي أكدته شقيقة علاء، منى سيف، بعد زيارة والدتها له في اليوم التالي، فإنها ذكرت في حسابها على فيسبوك أن "الزيارة كانت أيضًا من خلال حاجز زجاجي، و الكلام بينهما في التليفون"، وأنها ما زال مستمرًا في إضرابه الكُلّي عن الطعام، لتحقيق المطالب المثبتة في البلاغ رقم 16270 المُقدّم للنائب العام في 5 إبريل/ نيسان الماضي.

وعن السجن، ترى عدلي أنه مكان احتجاز علاء لأنه "من ناس ما زالت لم تستسلم أو تركع. حتى حين لجأ أخيرًا للجنسية المزدوجة، لا جدوى حتى الآن. وحين ذُكر اسمه في قوائم العفو؛ لا جدوى حتى الآن. لهذا؛ لم يعد أمامه سوى جسده"، مُعلّقة "ونحن كأمهات نرى أن هذا مستوى غير مفهوم من العنف والتعسف بحقه، رغم ما نسمعه عن حوار وطني واستراتيجية حقوق إنسان".

طالبت الطبيبة بالإفراج عن آخر معتقل وإتاحة الفرصة للحريات بمختلف صورها "رأي، وصحافة، ومعارضة"، وذلك كي يمكن الحديث عن "العدالة"، مختتمة بقولها "ونحن علينا طرق جميع الأبواب ووضع جميع الأفراد والمؤسسات أمام مسؤولياتها، لأننا نتحدث عن إنسان مُهدد بالموت".

مخاطبة أم 

تتحدث الدكتورة منى مينا عن الوضع بقلق على حياة علاء، من تعتبره "ابنًا" لها، وتقول "علاء أتم اليوم 3 شهور من الإضراب عن الطعام، وهو وقت خطر جدًا على حياته؛ ولهذا أتينا اليوم للمطالبة بأمرين. الأول تقديم الرعاية الصحية الواجبة له. والثاني هو زيارته".

وعن الزيارة تقول مينا "نطلب من السيدة مشيرة خطاب بشكل شخصي، وقد قالت إنها أم، أن تزوره وتطمئن عليه بنفسها لتطمئنا، بجانب السعي للسماح لمحاميه أن يزوره، وكذلك إيجاد طريقة يمكن من خلالها طمأنة الأسرة بصورة يومية على حالته الصحية وتطوراتها".

وتابعت الطبيبة "طبعًا نطالب بأمور أخرى، مثل السماح له بالموسيقى والكتب، والسماح لأسرته بزيارة دون حواجز"، تستدرك "هذه أمور مهمة. لكنني الآن أرى، كأم وطبيبة، أن أهم شيء هو متابعة حالة علاء الصحية. فالإنسان يحتاج يوميًا ألفين سعر حراري، بينما ما يحصل عليه يوميًا هو 100 سعر فقط من معلقة عسل ولبن خالي الدسم، لجأ إليها مؤخرًا. فما يأخذه 5% فقط من حاجة الفرد".

هذه المتابعة الصحية التي تتطالب بها الأمهات، كانت مُفصّلة في العريضة المُقدمة لخطاب، وتمثلت إجراءاتها في "تسجيل وزنه وضغطه ونبضه ومستوى السكر والاسيتون في دمه"، وطالبن أيضًا بـ"إتاحة هذا السجل الصحي اليومي لأسرته ومحاميه، مع السماح له بالتريض اليومي".

حقوق مهدرة

تطالب الطبيبة منى مينا بكفالة حقوق إنسان مُضرب عن الطعام وسجين رأي. الحقوق التي تراها طبيبة أخرى هي دكتورة سناء فؤاد أنها "مُهدرة" في حالة علاء، وترى للمسألة "رمزية تتمثل في أن هذا الشخص محبوس على مدار 10 سنوات تقريبًا، إمّا كُليًا أو جزئيًا، رغم أنه لم يفعل سوى التعبير عن رأيه"، معلّقة "ما يستلزم منّا أخذ موقف".

وهذا الموقف الذي اتخذته فؤاد وصديقاتها الأمهات، هو ما تحاول من خلاله لفت النظر لأوضاع غير مُرضية بالنسبة لها، ليس فقط مع علاء، إذ تقول "لا نطالب بالحرية من أجل علاء فقط. فوالدته أيضًا، كان الله في عونها، كلاهما يفتقد حضن الآخر. حتى أثناء الزيارات".


اقرأ أيضًا: "الاستمتاع بالمقاومة": ما عجزت السلطات عن سلبه من علاء عبد الفتاح  

 

علاء خلال إحدى جلسات محاكمته- المصدر: صفحة شقيقته منى سيف (فيسبوك).

عن تحرك اليوم، تقول الطبيبة "نحن سعينا، ونتمنى إدراك النجاح، والذي يتمثل، بالنسبة لنا، في أن يهتم المجلس بحق هذا السجين المُضرب، وأن يكون ما يُعلنه من معلومات بناءً على زيارة يستمع فيها إليه ويستوثق من صحة ما يُقال من جانب إدارة السجن، وليس وفقًا لمزاعم هذه الأخيرة"، مختتمة بالقول "أنا تصديت لحقوق الإنسان. إذن، لا بد وأن أتأكد من أنني أتابعها وأتعامل معها بصورة سليمة".

وتلك المتابعة اليوم في قلب المجلس، كانت انتظارًا للقاء خطاب، التي أنبأ موظف بالمجلس الزوار أنها لن تأتي؛ فكان الحل وبعد حوالي ثلاث ساعات في تسليم العريضة لإحدى الموظفات، التي جلست واستمعت لشكوى الزائرات وما حواها من حديث عن حالة علاء والمطالب الخاصة به، مع وعد بالمتابعة معهن، بجانب التفكير في تقديم شكوى أخرى عبر الموقع الرسمي للمجلس.