المتحدث باسم وزارة الصحة- فيسبوك
سيارة إسعاف مجهزة لنقل الحالات المشتبه بإصاباتها بالفيروسات المعدية

ما نعرفه عن "كورونا": خطورة الفيروس وطرق الوقاية منه

منشور الثلاثاء 28 يناير 2020

في الواحد والثلاثين من ديسمبر/ كانون الأول 2019 بدأت تظهر العديد من حالات الالتهاب الرئوي في مدينة ووهان في مقاطعة هوبي الصينية، وبعد سبعة أيام أعلنت السلطات الصينية أن هناك فيروس من نوع جديد لم يتعرف عليه الإنسان من قبل، ينتمي لعائلة كورونا corona وأطلق عليه نوفل كورونا-فيروس 2019 وهو المتسبب في هذه الإصابات.

ما هو فيروس كورونا؟

ينتمي كورونا فيروس لعائلة كبيرة تسمى كورونا، وهي نفس العائلة التي ينتمي إليها أيضًا الفيروس المتسبب في نزلات البرد common cold وفيروس سارس SARS ، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية الفيروسية التاجية (MERS-CoV)، ولكن الفيروس الذي تم اكتشافه في الصين في هذا العام هو سلالة جديدة من فيروس كورونا هلالي الشكل، الذي تم اكتشافه في عام 1960.

بدأت أول أزمة واضحة بسبب كورونا  في المملكة العربية السعودية عام 2012، بعدما تم اكتشافه على يد الدكتور محمد علي زكي، أستاذ الميكروبيولوجي في جامعة عين شمس، وأدى الفيروس وقتها إلى وفاة 880 حالة في السعودية.

مضى الوقت دون حدوث انتشار للفيروس، إلا أنه في عام 2014 ظهر في كوريا محدثًا 770 حالة وفاة، إلا أن الفيروس في كلا الحالتين كان معروفًا بشكله المعهود، حتى أنه من المحتمل أن يكون أيًا منّا قد أصيب به من قبل وظهرت عليه أعراضه، كحالة أنفلونزا  بنفس الأعراض التي سرعان ما تنتهي في غضون خمسة أيام تزيد أو تقل قليلًا، لكن ما حدث في الصين في هذا الشهر، هو سلالة جديدة من الفيروس لم يتعرف عليه الإنسان من قبل، وأطلقت عليه منظمة الصحة العالمية كورونا نوفل 2019 (2019-nCoV ).

ما هي خطورة "كورونا"؟

وجود الفيروس بهذا الشكل الذي لم يتم التعرف عليه من قبل، يصعّب مهمة كشف مدى قوته في الفتك بالمصابين به ومدى قدرته على الانتشار، التي تطورت إلى قدرته على الانتقال من إنسان ﻵخر.

من مظاهر خطورة الفيروس أنه يبدأ بأعراض مشابهة تمامًا لأعراض نزلات البرد العادية، وكذلك طول فترة الحضانة التي تصل إلى 14 يومًا، مما يتسبب في احتمال وجود الفيروس في جسم اﻹنسان دون أن يدرك ذلك، ﻷن اﻷعراض لن تظهر إلا بعد أربعة عشرة يومًا.

وحتى اﻵن لا يوجد أي مصل أو دواء مخصص للتعامل مع الفيروس.

أمراض مشابهة

من أخطر الأمراض المشابهة لكورونا فيروس هو سارس الذي يحدث نتيجة الإصابة بفيروس1 SARS-CoV SARS وهو واحد من أخطر الفيروسات التي هاجمت الإنسان من قبل، وكانت بدايته عام 2003 في ماليزيا ثم تايلاند ومالي والفلبين وبلجيكا، وتتشابه أعراضه مع فيروس كورونا والأنفلونزا العادية في إصابة الجهاز التنفسي، إلا أن فترة حضانته من يومين إلى سبعة أيام وأعراضه أشد.   وكذلك متلازمة الشرق الأوسط التنفسية الفيروسية التاجية (MERS-CoV) التي أدت إلى وفاة حوالي 780 حالة وكانت بدايته في المملكة العربية السعودية عام 2012، وينتقل للانسان عن طريق الجِمال، وبلغت نسبة الوفاة بسببه حوالي 35% من المصابين، وهو يصيب الجهاز التنفسي، وفترة الحضانة متفاوتة من يومين إلى 15 يومًا بمتوسط خمسة أيام.

من الأمراض المشابهة هي الأنفلونزا التي يسببها فيروس مُعدٍ يصيب الجهاز التنفسي، الذي يتسبب في وفيات سنوية في الولايات المتحدة الأمريكية تقدر من ثلاثة آلاف إلى 49 ألف شخص. وفي عام 2003 اجتاح الفيروس العديد من دول العالم مما أدى إلى وفاة ما يزيد على 200 ألف شخص. والمربِك في الأنفلونزا أن الفيروس قادر على التحور وعمل طفرات في تكوينه من وقت لآخر، بحيث يستطيع التحايل (التنكر) على جهاز المناعة، مما يصعِّب المهمة على الجهاز المناعي عند وجود طفرة جديدة في كل مرة.

ومن الأمثلة على ذلك تطور فيروس أنفلونزا الطيور H5N1 الذي تصل نسبة الوفيات بسببه إلى 60% من الأشخاص المصابين، وينتقل من الطيور الحاضنة للمرض، وكذلك أنفلونزا الخنازير H1N1 التي تسببت في الآف الوفيات، فمثلًا في الهند توفي أكثر من ألفي شخص عام 2015 نتيجة الإصابة بأنفلونزا الخنازير، وما زالت تأثير ها ساريًا حتى الآن. 

لا يمكننا التفريق بين هذه الأنواع المختلفة وبعضها إلا بعد عمل بعض الفحوصات المعملية، مثل فحوصات الدم وأخذ مسحة من الحلق، غالب هذه الأنواع لا يوجد لها علاج خاص بها، إلا أننا عن طريق التعرف على النوع، يمكننا نشر أساليب الوقاية كالتي تم تطوريها في الصين في الآونة الأخيرة.

ما هي أعراض "كورونا"؟

تبدأ الأعراض بشكل مشابه تمامًا للأنفلونزا مثل السعال والعطس وارتفاع درجة الحرارة وإعياء عام في الجسم واحتقان في الحلق، وقد يصل الأمر إلى ضيق في النفس. عند اشتداد الأعراض تبدأ أعراض أخرى في الظهور مثل الالتهاب الرئوي وفشل الكلى، وفشل الجهاز التنفسي ثم الوفاة. 

يمكن الكشف عن وجود هذا الفيروس عن طريق عمل اختبارات معملية، أو عن طريق أخذ مسحة من الحلق وإن كانت هذا الفحوصات لن تغير من طرق العلاج شيئًا، لأنه لا يوجد حتى الآن مصل ضد هذا النوع من الفيروسات أو أدوية للقضاء عليه، مما يصعّب المهمة ويؤدي إلى زيادة أعداد الوفيات. 

 

تحاليل معملية. صورة برخصة المشاع اﻹبداعي- unsplash.com

كيف ينتقل الفيروس؟

بداية انتقال الفيروس كانت من الحيوان لأنه هو العائل له، وخاصة القطط والجمال وعدد مختلف من العوائل التي لم يتم حصرها حتى الآن عن طريق التلامس، ثم يلمس الانسان فمه أو عينه أو أنفه مما يؤدي إلى انتقال الفيروس إليه. 

ينتقل الفيروس من إنسان إلى آخر عن طريق الرذاذ، فيمكن أن تنتقل العدوى عن طريق السعال أو التلامس مع المصاب أو أدواته الشخصية دون وجود عوازل مثل القفازات، مما يؤدي إلى انتقال المرض للشخص السليم بعد لمس الفم أو الأنف أو العين.

هل هناك علاج؟ 

لم يتم حتى الآن التوصل إلى مصل مضاد للفيروس ولا أدوية لعلاجه، لكن يتم التعامل معه في الأوقات الحالية كأنه حالة أنفلونزا، فيُطلب من المريض الراحة التامة وعدم بذل مجهود، واﻹكثار من شرب السوائل للحفاظ على الجسم في حالة رطبة، وعلاج الأعراض مثل ارتفاع درجة الحرارة بتناول اﻷدوية الخاضة مثل الباراسيتامول، وعلاج احتقان الحلق بمزيلات الاحتقان والمسكّنات، مع تناول اﻷطعمة اللينة.

وكلما زادت الأعراض، وصف الطبيب اﻷدوية المناسبة، فعند الوصول لمرحلة الالتهاب الرئوي، يبدأ المريض في تعاطي المضادات الحيوية وغيرها من الأدوية التي يصفها له الطبيب المختص.

شهد التاريخ كوارث صحية أكبر من تلك، ولقي الملايين مصرعهم جراء انتشار الأوبئة في أماكن محددة، إلا أنه مع تقدم العلم والمعرفة والتكنولوجيا، أصبح التعرف على الأمراض المعدية ممكنًا، ونشر التوعية وأخذ الاحتياطات ضد انتشار الأوبئة، أدى إلى تقليص أعداد كبيرة جدًا ممن يلقون حتفهم. 

كيف تحمي نفسك؟

تتشابه إجراءات الحماية من الفيروس مع مثيلتها للوقاية من اﻷنفلونزا واﻷمراض اﻷخرى، فيُنصح بغسل اليدين جيدًا بالماء الدافئ والصابون، وعدم التعامل مع الحيوانات إلا للضرورة، وفي حالة التلامس مع الحيوانات فينبغي غسل اليدين جيدًا، وعدم التواجد في الأماكن التي ينتشر فيها المرض، وارتداء الأدوات الواقية مثل قناع الوجه والقفازات في حالة التعامل مع المرضى، واﻹكثار من شرب الماء والسوائل الدافئة، والابتعاد عن اﻷماكن المزدحمة قدر اﻹمكان.

الصين والأوبئة

واحدة من العوامل التي تحدد قدرة الأوبئة على الانتشار، هو الاكتشاف المبكر والتحذير من انتشاره والإرشادات الكافية للوقاية منه. في أبريل من عام 2008 تم تطبيق نظام آلي على شبكة الإنترنت للكشف المبكر عن تفشي الأمراض المعدية والاستجابة السريعة لها في جميع أنحاء الصين، مما يؤهلها إلى القدرة على المسح للكشف على المرضى في أكثر الأماكن المعرّضة لانتقال الأمراض، والتوعية الصحية والإرشادات للوقاية من المرض.

واحدة من التجارب التي مرت بيها الصين على مستوى تفشي الأوبئة كانت في عام 2003، حيث ظهر مرض سارس هناك وأدى إلى وفاة حوالي 350 شخصًا. وانتشر المرض حينها في سنغافورة وفيتنام، وتم الكشف عن بعض الحالات في مدينة تورنتو في كندا،  وبعد انتهاء انتشار الوباء، لم تحدث الإصابة به إلا أربعة مرّات، منها ثلاث مرّات في الصين ومرّة في سنغافورة، مما يدل على قدرة الصين على الحد من انتشار اﻷوبئة وفق تجارب سابقة.   

وتبذل الصين جهودًا واسعة للحد من تفشي نوفل كورونا فيروس، حيث تم الحجر الصحي على إقليم وهان الذي يضم أكثر من 36 مليون نسمة، بحيث لا يدخل الإقليم أحد ولا يخرج منه، وتم منع حركة الطيران عن الاقليم، وتم التخطيط لبناء مستشفى في خلال ستة أيام لعلاج المصابين بالفيروس مما يسهّل علاجهم وعمل حجر صحي بصورة أكبر للمصابين.