الصورة: الصفحة الرسمية- فيسبوك
من أحد المؤتمرات الدعائية للنائب أحمد الطنطاوي في دائرته.

في ظلال كورونا: حوار مع النائب أحمد الطنطاوي عن نفاق الجماهير والاشتياق للصلاة في المساجد

منشور الأربعاء 29 أبريل 2020

ما بين مدح جماهير الراغبين في العودة للمساجد، وهجوم الخائفين من العدوى؛ تتراوح ردود الأفعال التي يواجهها عضو مجلس النواب أحمد الطنطاوي على وسائل التواصل الاجتماعي بعد نشر بوست ينتقد فيه وزير الأوقاف مختار جمعة، مطالبًا بإعادة فتح المساجد أمام جموع المؤمنين.

المهاجمون اعتبروا الطنطاوي يستجيب لمطالب شعبوية على حساب الحق في الصحة والالتزام بالإجراءات الاحترازية لمواجهة وباء كورونا خاصة مع ارتفاع معدل الإصابات، أما المرحبون فتداولوا البوست مطالبين بإعادة فتح المساجد التي سبق وأن أصدر وزير الأوقاف قرارًا بإغلاقها في إطار إجراءات مواجهة الوباء يوم 21 مارس/ آذار الماضي.

وضعت المنصة في حوارها مع الطنطاوي اتهام "نفاق الجماهير" أمام النائب الذي حاز سابقًا على إعجاب المعارضين نتيجة مواقفه السياسية ضد عدد من القرارات الحكومية مثل تعديل الدستور وتسليم جزيرتي تيران وصنافير إلي السعودية، لكن النائب رفض هذا الاتهام قائلًا "أرفض التعالي على الجماهير في هذا الأمر"، معتبرًا أن دعوته لن تساهم في زيادة الإصابات بالفيروس "كلامي محدد، الناس محتاجة حد يشرح لها جدوى استمرار إغلاق دور العبادة. أنا مع إعادة فتحها اختياريًا لمَن يريد الصلاة وبشكل جزئي في إطار ضوابط الوقاية".

يعلق عضو تكتل 25-30 المعارض على ردود الأفعال المرحبة بدعوته "المفروض نقول ليه الناس عملت من هذا المطلب قضية شعبية، كل اللي أنا عملته هو إني نشرت الموضوع زي ما بأنشر أي موضوع آخر. هذا هو وجدان الناس ويجب علينا أن نحترمه. إرادة الناس في الانتخابات والاستفتاءات لما تيجي في الاتجاه الذي نريده؛ نقول الجمهور العظيم، ولما تأتي عكس اتجاهنا؛ نوصفهم بكلام غير منطقي. الناس عندها احتياجات روحية خاصة في الشهر الفضيل، لو أننا لسنا قادرين على تلبية هذا الاحتياج علينا أن نعتذر. الناس قبلت إجراءات مشددة في بداية الأزمة ولم تعترض على قرار إغلاق المساجد لأنها إجراءات مشابهة لكل أماكن التجمعات والزحام الأخرى، لكن الناس رأت الحياة تعود جزئيًا في أماكن، وتُفتَح على مصراعيها في أماكن أخرى، وبالتالي من حقهم السؤال عن المكان الذي يغطي الجانب الأهم في حياتهم ووجدانهم (المسجد)".

وماذا عن تطبيق نفس القرار على الكنائس وإعادة القداسات مرة أخرى، في وقت شهد إعلان إصابة 3 كهنة من المسيحيين الأرثوذكس بفيروس كورونا، وأن إغلاق الكنائس ساهم في خفض احتمالات نقل العدوى؟ يرد النائب قائلًا "هذه أمور لا يمكن الحديث عنها أدبيًا نظرًا لوجود طقوس مختلفة للمواطنين المسيحيين"، بحسب نائب نائب دائرة دسوق وقلين الذي يمثل مواطنين مسيحيين لهم كنيستين أرثوذكسيتين بحسب موقع إحصاء غير رسمي للكاتدرائية المرقسية، وإن كان يحظى بمصداقية عالية في أوساط المسيحيين المصريين.

يوضح النائب أنه تواصل هاتفيًا مع الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، الذي قال له إن مصر من أواخر الدول التي أغلقت المساجد، يقول الطنطاوي عن هذا الرد "أرفض هذا الطرح أيضًا، لأن الدول التي أغلقت المساجد نفذته في إطار إغلاق عام للدولة"، رافضا المقارنة بين الوضع في مصر ودول أخرى أغلقت دور العبادة في إطار إجراءات غلق جزئي، مضيفًا "هل فيه دولة واحدة يرى فيها المواطنون تكدس القطارات ومترو الأنفاق، ومكاتب البريد، وطوابير صرف الـ 500 جنيه الإعانة التي لا تأتي، وزحام الأسواق العامة والمستشفيات نفسها ومنها معهد الأورام، ومع ذلك تُغلَق المساجد في وجوههم؟. هؤلاء أمام رؤية غير واضحة وإدارة غير متناغمة، كيف تقنعني بالموافقة على قراراتك وأن الضرر الذي يسببه المسموح (المواصلات العامة ومكاتب البريد) أكبر من ضرر المحظور (إغلاق المساجد)".

يقول الطنطاوي "قلت لرئيس القطاع الديني إن الناس تذهب إلى دور العبادة طواعية، التعبان ما يروحش والخائف من العدوى لا يذهب، لكن الناس تركب القطار فوق بعض كرهًا، وفي الدول الأخرى إغلاق المساجد رافقه إغلاق كامل لكل شؤون الحياة".

قبل 4 أيام قررت السعودية رفع الحظر بشكل جزئي وتخفيف ساعات حظر التجول، مع استمرارها في إغلاق الكعبة أمام جموع المصلين.

عن إمكانية فرض إغلاق كامل على غرار الدول التي لجأت لهذا الحل، يقول طنطاوي "الدولة لن تتحمل تكلفة الإغلاق الاقتصادي الكامل". عائدًا مرة أخرى للحديث عن ضرورة فتح المساجد قائلًا "بالتالي لا مبرر لتخصيص المساجد وغلقها مع فتح مجالات الحياة الأخرى والتكدس في أماكن أخرى" متسائلًا "ما هو الأكثر ضررًا: التكدس في المواصلات وركوب الميكروباص، أم تنظيم فتح المساجد مع الالتزام بالإجراءات الوقائية؟".

يشرح النائب المعروف بمعارضته للتعديلات الدستورية، رؤيته لفتح المساجد جزئيًا بالقول "الناس تتبع التعليمات عندما نخاطب عقولهم"، مستشهدًا بتظيم أهالي دائرته في قرية شباس عمير مركز قلين، محافظة كفر الشيخ، لأنفسهم خلال دفن إحدى الطبيبات التي توفيت بعد إصابتها بفيروس كورونا، قائلًا "المشهد يؤكد استعداد الناس للالتزام لما نطلبه منهم في الأمور المنطقية".  

ينتقد نائب كفر الشيخ وزير الأوقاف "يظهر لنا وهو سعيد مع إن مفروض إنها إجراءات مؤلمة (إغلاق المساجد)، لم يبدُ عليه حتى الألم وهو يأخذ هذه الإجراءات ولو حتى بالتصنع رغم أن هذا القرار صدم وجدان الناس، هذا الرجل وظيفته إعمار بيوت الله ولكنه يغلقها وهو مبسوط".

يلفت النائب إلى أنه خلال تواصله مع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف جابر طايع اقترح عليه عقد مائدة مستديرة تُمثّلُ فيها وزارة الأوقاف لمناقشة الأمر "ممكن نبدأ فتح جزئي لجامع واحد في كل محافظة على سبيل التجربة، ونقول للناس أنتم من يقرر نجاح التجربة عن طريق الالتزام بالتعليمات وتنظيم صفوف متباعدة وإغلاق الحمامات، وأن يأتي كل مواطن للمسجد معه سجادته، ونرتب الصفوف بمسافات آمنة من كل الاتجاهات، مع التزام المصلين بالتعقيم بعد كل صلاة".

وبشأن الزحام والتكدس قال الطنطاوي "رغبة الناس في الذهاب للمساجد فيها مبالغات، ولن نفتح أماكن صلاة السيدات لأنها غالبًا ذات مساحات ضيقة، وصلاة التراويح ليست دائما مزدحة إلا في المساجد المشهورة التي يقيم فيها الصلاة شيوخ معروفين".

يضيف الطنطاوي مبررًا آخر لفتح المساجد بشكل جزئي وهو "معاناة أسر المتوفين من عدم إقامة صلاة جنازة في المساجد، وتكون النتيجة التجمع عند المدافن".

وبشأن خصوصية المساجد وإمكانية تحولها لبؤرة عدوى مثلما حدث في إيران، يقول النائب في حواره مع المنصة "إيران كل مدينة تصلي في مكان واحد، نحن قدمنا للناس قياسات خطأ".

بحثنا عن المعلومة السابقة واتضح أنها غير دقيقة. الصلوات في إيران تتم في مساجد كبيرة وصغيرة على حد سواء، وتعتبر إيران من أوائل الدول الإسلامية التي أغلقت المساجد، وألغت حكومة طهران صلاة الجمعة يوم 28 فبراير/ شباط الماضي في جميع المدن التي شهدت انتشار فيروس كورونا، مع الإبقاء على الأضرحة مفتوحة بسبب ضغوط رجال الدين لكن مع استمرار الفيروس في حصد الأرواح؛ حسمت الحكومة أمرها وأغلقت جميع الأضرحة المقدسة في مدينتي قم ومشهد يوم 20 مارس، ولا تزال الأضرحة فيهما معلقة حتى نشر هذا الحوار، بجانب استمرار إغلاق المساجد أيضًا.

يدافع الطنطاوي عن نفسه أمام الانتقادات التي واجهها من بين صفوف داعميه المعارضين الذين اعتبروا أنه اختزل جهوده في أزمة كورونا في مطالبته بفتح المساجد، قائلًا "زرت عددًا من مستشفيات العزل، ونزلت مع عمال النظافة والصرف الصحي للتوعية بالإجراءات الاحترازية، وتبنيّت مشكلة المصريين الراغبين في العودة من الخارج، وقدمت اقتراح إعادة المصريين الذين تقطعت بهم السبل، بصرف النظر عن تفسير تعبير العالقين الذي يضيق عددهم".

يوجه الطنطاوي انتقادات للحكومة وطريقتها في إدارة الأزمة متسائلًا "هل يوجد مسؤول حكومي يفسر لنا لماذا تصر الدولة على تشغيل الناس في العاصمة الإدارية وفي نفس الوقت تستكثر عليهم النزول لشراء الخضروات من الأسواق. الناس تشعر أن الحكومة تتكلم بمعزل عن ما يعيشوه، ويتساءلون إشمعنى ده (الجامع) بس اللي مقفول؟ هؤلاء هم نفس الناس الذين استجابوا ورحبوا بإجراءات الغلق في البداية". مطالبًا أيضًا بمراجعة قرار الحظر في المساء، معتبرًا أنه أدى للتزاحم في الأوقات الأخرى في ساعات النهار.

يثني النائب المعارض على قطاع الصحة والعاملين فيه بالقول "ما يحدث من بطولات يقدمها العاملون في هذا القطاع لا يقابلها الاهتمام الكافي، فأكثر نسبة إصابات للأطقم الطبية في مصر وهذه مشكلة أسبابها معروفة ومن ينزل ويزور المستشفيات يرى الأزمة"، مشيرًا إلى نقص مستلزمات الوقاية.