تصوير: رحاب عليوة- المنصة.
سناء سيف وأهداف سويف خلال المؤتمر الصحفي.

"علاء" بخير.. ولكن

أسرته طلبت منه تأجيل معاودة الإضراب

منشور الخميس 17 نوفمبر 2022 - آخر تحديث الجمعة 18 نوفمبر 2022

في منزل تحيطه تشديدات أمنية ومتاريس خاصة بحراسة سفارة عربية مجاورة، أبدت أسرة الناشط السياسي والمبرمج السجين علاء عبد الفتاح قلقها الشديد عليه عقب أول زيارة له اليوم بعد فض إضرابه الكلي عن الطعام والشراب الذي بدأه 6 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري. 

وقالت الأسرة في مؤتمر صحفي عقدته مساء اليوم بعد الزيارة، في منزل أحد أفراد العائلة، إن علاء "هزيل للغاية"، نتيجة فترة الإضراب الطويلة، وأنه يعتزم بدء إضراب جديد أثنوه عنه مؤقتًا، في ظل عدم قدرة جسده على التحمل، وطلبوا منه بحسب كلمة شقيقته سناء سيف في المؤتمر إنه "ياخد بريك". 

تزيد سناء للمنصة على هامش المؤتمر، أن علاء ليس بخير على الإطلاق، سواء في حالته الجسدية أو النفسية التي وصفتها بـ"غير المتزنة"، مشيرة إلى محاولته إيذاء نفسه في السجن.

وكانت أسرة علاء أصدرت بيانًا اليوم أوضحت ملابسات ما حدث له داخل السجن منذ زيارة الأسرة الأخيرة في 24 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وشرحت ملابسات زيارة اليوم التي جرت في كابينة بسجن وادي النطرون من خلف حاجز زجاجي.

كما أوضحت العائلة خلال المؤتمر الصحفي أنه حاول إيذاء نفسه بعد أيام من بداية الإضراب، عندما رفضت إدارة السجن الاعتراف به، إذ صدم رأسه في الحائط عدة مرات، حتى أصيب بجروح لا زالت بادية عليه.

ثم في يوم الجمعة الماضي، بحسب البيان، سقط مغشيًا عليه، واستيقظ ليجد المحاليل معلقة له، وهنا رأى أن إضرابه قد انفض، فأخبر الأسرة بذلك في الجواب الذي استلموه منه الأحد.

وأضافت سناء للمنصة أنها "قلقانة عليه نفسيًا، لكن اطمنت عليه جسديًا، إن جسمه سليم، هو كان عايز يرجع للإضراب بس قولناله لا مترجعش دلوقتي جسمك محتاج راحة". 

تتابع "محبطة إن المعاملة في السجن متهزتش 1 سم، الحاجة الوحيدة اللي اتهزت جهاز المزيكا/mp3 اللي دخل، لسه ممنوع من الراديو، الـmp3 دخل بالعافية لما فهموا إنه نفسيًا تعبان، إن هو بني آدم في عزلة بقاله زمن ومحتاج حاجات آدمية.. الزيارة لسه من ورا فاصل زجاجي". 

مقاومة الدموع

تصمت لثوانٍ فيما تقاوم الدموع وتقول "قلقانة عليه آه، اطمنت إنه عايش، لكن لسه قلقانة عليه من الناحية دي". 

ولم تكن رؤية علاء على تلك الحالة مؤثرة على سناء فقط، وهي الشقيقة التي لعبت دورًا كبيرًا في حشد الدعم لشقيقها خلال فاعليات COP27، إذ وصفت خالته الدكتورة أهداف سويف في مشهد مشابه على هامش مؤتمر الأسرة مساء اليوم "مش سهل أبدًا الزيارة تخلص ونسيبه في نفس الوضع اللي هو فيه ونمشي". 

على عكسهم، تحاول والدته الدكتورة ليلى سويف أن تُجنِّب المشاعر "بحاول أركز على الجوانب العملية، بحاول أعمل كده عشان لو فكرت في الجوانب العاطفية هفطس". تقول للمنصة على هامش المؤتمر.

وتضيف أن أهم ما قاله علاء لها اليوم إن ما حدث "تعليق للإضراب لفترة لأنه لقى بعض الاختلاف في الاهتمام والمعاملة سواء فيما يتعلق بالـmp3 أو معاملة النيابة، إن وكيل النيابة اللي راحله تعامل بشكل مهني، خد كل كلامه في المحضر، سابه يحكي كل اللي حصله، ودي كانت أكتر حاجة شاف إن ربما يكون في شوية تعقل في التعامل مع الملف بتاعه، فيدي فرصة لده، ولنفسه إنه يرتاح شوية، ولينا إننا نطمن شوية". 

المفارقة

كانت سناء أكدت للمنصة أيضًا أثر مهنية النيابة في تحسن نفسية علاء، خصوصًا في ظل رفض السجن توثيق الإضراب والاعتراف به، بينما أثبت وكيل النيابة الذي ذهب إليه إضرابه في المحضر، وهذا أصاب علاء بالارتياح. ثم تضيف ضاحكة، "ده اللي كان واصل لعلاء مكانش يعرف بيان النيابة خرجلنا إزاي". وعن رد فعله حين أخبروه قالت "وقت الزيارة مسمحش نقف عند كل تفصيلة أو نتلقى ردود فعله".

لكنها في الوقت ذاته قالت إنها أخبرت علاء بحجم الدعم العالمي الكبير له، والذي "تفاجأ به، مكانش يعرف كل ده. اتبسط طبعًا بس كل ده بيبدو مش حقيقي بالنسبة للي هو فيه. لإن كل الحاجات دي مش واصلة له. لكن هو اتفاجئ وفهم شوية ليه السجن كانوا متوترين زيادة، أظن على الزيارة الجاية ممكن نشوف هتأثر في نفسيته ولا لأ، بس أعتقد أكتر حاجة فرقت معاه إن هو شافنا".

مؤشرات 

وبخلاف موقف النيابة الذي اعتبره علاء في سجنه مؤشرًا مختلفًا، فثمة مؤشرات أخرى مثل طرح طلب العفو عن علاء من دوائر قريبة من السلطة أو محسوبة عليها، وتصدر القضية داخليًا ودوليًا على نحو لم يكن موجودًا من قبل. لكن تظل تلك المؤشرات غير كافية بالنسبة لسناء التي ترى أن "مش عارفين إيه اللي ممكن يحصل، نتمنى يصدر عفو رئاسي عن علاء، أو يخرج بأي شكل، لكن حتى ده مش مضمون، ممكن نلاقي إنه مضطر يكمل المدة". 

وتابعت "أتمنى أنه يخرج، الناس بتكلمنا عن شكل خروجه كأنهم ضامنين إن علاء خارج. لكن محدش قالنا إن علاء خارج، ومحدش قال لعلاء إن هو خارج". وحول المؤشرات قالت "فيه اللي كل الناس بتشوفها زي إن فيه ناس اتكلمت في الإعلام مثلًا أول مرة تتكلم بالطريقة دي". 

وخلال الأسبوعين الماضيين، ومع تصاعد الحملة الإعلامية ضد علاء عبد الفتاح وعائلته في الفضائيات المملوكة للدولة والمقربة لها، دعا الصحفي والإعلامي إبراهيم عيسى للعفو عن علاء، فيما ألمح الإعلامي عمرو أديب أن العفو عنه ستكون له آثار إيجابية، تاركًا التقدير للرئيس. أما المحامي طارق العوضي، عضو لجنة العفو الرئاسي، فكتب على فيسبوك "نأمل اتخاذ اجراءات من جانب الدولة بسرعة العفو عنه (قاصدًا علاء) وعدد من المحكوم عليهم".

وحول المطالب المتزايدة من الداخل للإفراج عنه "ليس من أجل البرلمانات الأوربية أو الخارج لكن من أجلنا نحن"، وفقًا لما جاء في عريضة وقع عليها الآلاف، في صيغة مقتبسة عن دعوة مشابهة أطلقها نائب رئيس الوزراء الأسبق زياد بهاء الدين، قالت سناء "ده سمعناه قبل كده لكن على استحياء.. لكن هل فعلًا هيحصل؟". 

وتابعت "كتير مع علاء بنبقى فاكرين إن خلاص وصلنا لحل، زي لما علاء خرج في 2019، وفجأة اتفتح علينا الحزام". 

ولفتت سناء إلى أن موعد انقضاء عقوبة شقيقها في القضية الأخيرة سيكون في 2027، وليس في 2025. لأنه كان قضى في الحبس الاحتياطي سنتين منذ 2019 وحتى 2021 عندما صدر بحقه حكم السجن لخمس سنوات في ديسمبر/ كانون الأول 2021، لأنه حوكم على ذمة قضية أخرى أعيد تدويره عليها من قضيته الأولى التي حُبس على ذمتها، في إجراء توسعت السلطات في استخدامه خلال السنوات الماضية.

خلال المؤتمر الصحفي للعائلة.

وتشرح سناء أكثر "المخرج القانوني اللي عملوه إنهم غيروا رقم القضية قبل ما يحيلوها (للمحكمة) كأن دي قضية ودي قضية، عرفنا المعلومة دي بعد ما الحكم أتصدق عليه بالصدفة من ورق السجن.. علاء معاد خروجه الرسمي على الورق 2027". 

في غضون ذلك، أكدت سناء أنها ستواصل طرق جميع الأبواب في الداخل والخارج، ردًا على الاتهامات التي واجهتها حول "الاستقواء بالخارج"، قائلة "مفيش باب مطرقتش عليه ومفيش باب مش مستعدة أطرق عليه مرة واتنين وتلاتة، عشان علاء يخرج".

في الانتظار 

لا تستطيع أسرة علاء الجزم بأي شيء، بل تبدو في مرحلة اختبار كل الخيارات المتاحة وتوقع كل شيء، الثابت لديها فقط أن استمرار السعي ربما يعيده إلى بيته قريبًا.

مثلًا تؤكد والدته ليلى أن ما تعلمه حاليًا فقط هو أنها ستذهب يوم الاثنين المقبل، معها الطبلية (الأكل والراديو والملابس) لعلاء، وستظل تنتظر حتى تحصل على جواب، وترسل له هي الأخرى جوابها. 

وعن ساعات الانتظار الطويلة وكيف تقضيها على بوابة السجن قالت، "تمضية الوقت ليست أزمة، أحيانًا آخد معايا كتاب، أو رواية حلوة، وأحيانًا اختبارات للطلاب استغل ساعات الانتظار وأصححها"، تقول أستاذة الرياضيات البحتة في كلية العلوم بجامعة القاهرة.

لكن ما يظل غامضًا لدى ليلى هو إصرار إدارة السجن على تركها مدد انتظار طويلة واتباع نفس الروتين كل مرة "بيصوروا الحاجات اللي جايباها، وأستنى ساعتين على ما تجيلهم الموافقة يدخلوها، والجواب أفضل مستنية ساعتين كمان أو أكتر، رغم إن علاء عارف المواعيد وبيكون محضره من بالليل. لكن هنقول إيه". 

الانتظار بالنسبة للشقيقة الصغرى سناء له معنى أكبر، فحياتها معلقة بخروج علاء "على عكس ماما اللي حياتها ماشية شوية وبتشتغل، أنا سبت شغلي وحياتي واقفة على حملة دعم علاء". 

قد تنتظر سناء في مصر مدة أطول، تقول "بعد الزيارة واللي شفناه مش عايزة أسيب ماما دلوقتي، مش عارفة هقعد قد إيه أو هرجع لندن إمتى، لكن حتى لو سافرت هرجع تاني بلدي (مصر)، هرجع قبل معاد الزيارة الجاية لعلاء". 

لا تنكر سناء قلقها على نفسها بعد الهجوم الكبير الذي تعرضت له على هامش فاعلياتها في قمة المناخ لدعم علاء، "قلقانة أكيد بس هعمل إيه". 

الانتظار في معنىً ثالث تحكي عنه خالة علاء، أهداف سويف "منتظرين نشوف إيه اللي هيحصل بعد COP27" ردًا على سؤال حول ما ستتيحه الأيام المقبلة من فرصة لاختبار ما تنتويه السلطة فيما يتعلق بإصلاحات ملف حقوق الإنسان. 

تقول "السلطة أهم وأكبر من أننا نختبرها، لكن بالتأكيد مستنيين نشوف إيه اللي هيحصل. دلوقتي الأمور مفتوحة، واللي هيتكلم اتكلم، واللي هيضغط ضغطـ، والمساندة موجودة. لكن كمان حجم الصوت المصري اللي بيقول إن مصلحتنا إن أحنا نصلح ملف حقوق الإنسان عمومًا وفي اللحظة دي نحل ملف علاء عبد الفتاح وكام حد تاني، أتمنى إن الصوت ده يكون هو الصوت الغالب جوا السلطة وإن الرأي ده هو اللي يُعمل بيه .. الصوت الإيجابي اللي يسعى للحل والإصلاح".

وتابعت "هنستنى ونشوف".